المدير العام فريق العمل
عدد الرسائل : 94 تاريخ التسجيل : 06/02/2007
| موضوع: فلم يستحق المشاهدة الخميس 08 مارس 2007, 10:37 | |
| دجيمون هونسوو وجنيفر كونلى وليوناردو ديكابريو وادوارد زويبك "ماس الدم"..
حكاية افريقية مشبعة بالقهر والموت
أثبت ادوارد زويبك عبر فيلم "ماسة الدم" الذى أخرجه عام 2006، انه مخرج يعرف كيف ينجز فيلما سينمائيّا مميزا عالى المستوى يقدم احساسا خاصا للواقع الافريقي.
كسب زوييك الشّهرة وهو شاب عبر عمله الناجح بالتليفزيون ثمّ انتقل إلى السّينما لتناول الأحداث التّاريخيّة عبر الأفلام الملحميّة، قدم قصّة الجنود السّود المقادون من قبل ضابط أبيض أثناء الحرب الأهليّة فى "المجد"، وفيما بعد ركّز على محاربين يابانيّين يبارزون أمريكيّين بيض فى "الساموراى الأخير".
الآن زوييك ينظر إلى التّاريخ الحديث فى سيراليون إفريقيا بماسة دم فيلمه الّذى فيه يعرض فريق أبيض وأسود دجيمون هونسوو وليوناردو ديكابريو فى نوع التجديد لتشكيل مجموعة سيدنى بواتيه-طونى كيرتس فى فيلم "المتحدّين". لكنّ بينما استخدم المتحدّون سجينان هاربان أبيض وأسود وربطا بالقيود كوسائل استكشاف التّوتّرات العنصريّة لأواخر الخمسينيّات، "ماس الدّم" يثير الاهتمام بالقضايا السّياسيّة الدّوليّة بتّقديم رجل أسود ورجل أبيض ربطا معًا بالسعى الى ماسة كبيرة يمكن أن تكون عامل تذكرة إلى الحرّيّة.
تصاغ احداث القصّة فى سيراليون 1999، عندما يُوَرَّط البلد فى الحرب الأهليّة والفوضى. وترمى به فى أتون الفقر والمجاعة والاقتتال اللامبرر. "الذى يشبه الحروب الكثيرة الّتى ملأت القارّة الإفريقيّة حديثًا" فى هذا الصّراع، صعب أن تحدّد أيّ جانب هو الأسوأ: الحكومة أو المتمرّدون، البشاعات تكثر والذى يدفع ثمن الوحشيّة الغاشمة المحضة هم المزارعون والقرويّون الأبرياء. حيث يركز الفيلم على توظيف أمراء الحرب للثروات المحلية وتسخيرها بشكل غيرقانونى لتمويل حروبهم ومعاركهم اللامنتهية التى تزيد الضحايا والعنف الماس، إحدى صادرات ثروات البلد الرئيسية المهمة، تُهَرَّب للخارج ويباع فى السّوق السوداء بالرّغم من الحظر الدوليّ المفترض على شراء ما يسمّى بماس النّزاعات أو ماس الدّم.
هذه الخلفيّة التّاريخيّة "المقدّمة فى الفيلم" واقعية، بالرّغم من أنّ الشخصيّات الثّلاثة الرّئيسيّات المورّطات فى الأحداث روائية. وسيراليون فى سلام حاليا. لكن ماس الدم شكل لتذكيرنا، كيف أن الخطر ما زال ماثلا. المخرج زوييك يطرق هذا الموضوع بالصور الواضحة لقسوة معاناة بشريين لكنّ بخلاف نظيره "فندق رواندا"، الذى ركّز على فرد واحد وكيف تعامل مع البشاعات، هناك زوايا كثيرة جدًّا لقصة "ماس الدم"، وهناك رسائل ودلالات كثيرة.
سليمان فاندى "دجيمون هونسوو" اب وزوج حنون والأب يعيش بهدوء بمزرعة فى سيراليون. يرسل ابنه الصّغير، ضياء "كارزو كيبيرز"، إلى مدرسة لتعلّم الإنجليزيّة ليحصل على حياة أفضل حين يكبر. فى احد الأيّام، يجيء الإرهاب إلى قرية سليمان مع وصول المتمرّدين ويقتلون أو يأسرون تقريبًا كل من يعيش هناك. عائلة سليمان تضيع منه ويرْسل هو لتشغيله بالبحث عن الماس. فى مكان يشرف عليه مسلحو وأمراء الحرب. أثناء فحص الرّمل من قاع نهر ضحل، يكتشف ماسةً قرنفليّةً لا تقدرقيمتها بثمن يخبئها عن حراسه ويدفنها فى التراب.
وبعدها بلحظات يُؤْسَر أثناء هجوم حكوميّ ويرْسِلَ للسّجن. وهناك، يواجه دانى أرشر المرتزق الجنوب أفريقيّ الأنانيّ "ليوناردو ديكابريو" المسجون بتهمة التهريب والاتجار فى مواد وثروات مهربة بشكل مخالف للقانون يعيش من التهريب المتواصل للماس المسروقة من سيراليون إلى ليبيريا. وفى السجن يسمع دانى بقصة سليمان، ليرسم لنفسه خطة سرية بأن يعقد أرشر اتّفاقيّةً مع سليمان: ان يتشاركا للوصول للماسة، مقابل ان يساعد الرّجل على ايجاد زوجته وأطفاله. لتحقيق هذا الهدف، أرشر يطلب المساعدة من الصّحفيّة الأمريكيّة مادى براون "جينيفر كونلي" الّذى تشترط للمعونة ان ان يؤمن لها أرشر الوثائق لفضح كيف الماس القذر يغُسِلَ ليبدوّ نظيفا إلى السّوق العالميّ، وعن مسؤوليّة تجّار الماس بلندن ومن ثمّ كشف فساد زعماء صناعة الألماس الأوربّيّين الّذين يختارون الثروة بدلاً من البشريّة.
الثّلاثة يربطهم خيط غير عادى للتشارك. تحتاج مادى لقصّة حول ماس الدم وتطور الحالة لمواساة أرشر الهشّ بشكل عاطفيّ، أرشر يريد استعادة الماسة الثّمينة لإنقاذ حياته وعقله، وفاندى بيأس يحتاج للحجر كوسيلة لاستعادة عائلته المفقودة وابنه الّذى خطف وجتد بالاكراه وغسل الدماغ بالقوّات المتمرّدة ليكون ماكينة قتل.
تطور العلاقة بين الثّلاثة تساهم بشاعرية مثيرة فى منح الفيلم مراقى إنسانية جميلة تحاول خلق نوع من التوازى مع أحداثه الدرامية العنيفة... هذه الشخصيات الثلاث ستخوض رحلة مثيرة بين خرائط أرض تعيش على إيقاع الثورات والحروب، وتحتكم لصوت المدافع والرصاص من أجل تصفية خلافاتها. هذه الرحلة الشاقّة عبر أرض المتمرّدين الخطيرة ستمنح عائلة "سليمان" معنى جديدا للحياة، وستعطى هذا الأخير بعدا حياتيا مغايرا لما دأب عليه خلال الماضى من سنوات عمره، وفى نفس الوقت ستخول لـ"دانى آرشر" رسم آمال جديدة لم يسبق له أن تخيلها، سيما بعد دنوه من الإمساك بالماسة الوردية. فالجانب "الشرير" سوف يتحول، إلى أكثر أفعال التضحية بطولة.
بعد صراعات دامية الرّجال يصلان لمعسكر البحث عن الماس تحت سيطرة المتمردين. هنا، سليمان يُجْمَع بألم مع ابنه ضياء الّذى بعد غسل مخّ من قبل المتمرّدين يتجاوب مع عاطفة أبيه. قوّة المرتزقة الجنوب أفريقيّة تحت قيادة الكولونيل كويتزى أيضًا تهاجم المتمردين وخلال اتّفاقيّة مع أرشر، تدفع سليمان لاستعادة الحجر. فى معركة يائسة، أرشر وسليمان يقتلان الكولونيل الجشع ويخرجان الماسة من مخباها، ليُمْسَكَا تحت تهديد السّلاح من قبل ابن سليمان الفاقد الإحساس. يتمكّن سليمان من أن يعيد إيقاظ ابنه المضطرب ويهرب الثّلاثة من المعسكر بالماسة النّفيسة.
غير قادر أن يستمرّ بالهرب بسبب إصابة طلق ناريّ، يعطى أرشر سليمان الماسة ويحثّه أن يترك سيراليون لبيع الماسة فى لندن. هناك، كما هو مطلوب من قبل سليمان، لا يحصل على كمية لمال الكبير للماسة فقط، لكنه أيضًا رُتِّبَ أن يجيئ بزوجته وأطفاله إلى لندن ليُجْمَعُوا معه. ماس الدّم "للكبار فقط للعنف واللّغة القويّين" فيلم قاس ينتهى بطلب أن تتوقّف التّجارة فى ماس الدّم.
وكان الأداء جديرا من هونسوو لدور سليمان فاندى الإنسان العاديّ المعذّب الّذى يجب أن يتغلّب على العقبات الغير عاديّة لإنقاذ عائلته.. بالطّبع، نرى خلال عيونه كم الوضع مرعب، وإصرار سليمان الهادئ لاسترداد عائلته يُحْفَر إلى هناك الممثّل نحت سّمات أداءه كرجل طيّب، وزّوج جيّد و أب حنون، اختبار هذه الصّفات ضدّ العنف، الفوضى و المذبحة ، يجعله واضح ويثير تعاطفك. وتوفّر جينيفر كونلى أداءً مميزا كصّحفيةّ هى أكثر من مجرّد وجه جميل.
وقاد زوييك فريق التّصوير إلى عدّة مواقع فى إفريقيا مثل السّاحل الشّرقيّ لجنوب أفريقيا وكيب تاون. أما الأجزاء الأخرى للفيلم فقد صُوِّرَتْ فى مابوتو بالإضافة إلى أجزاء أخرى من موزمبيق. ويعطى ماسة الدّم نظرة قابلة للتّصديق وحقيقيّة.
تمكّن الفيلم من خلط السّياسة والقصّ الجيّد معًا. ويقدّم نفسه كقصّة مثيرة. لكنّ الرواية المتوتّرة والشيّقة لا يمكن أن تخفى حقيقة أن زوييك يريد تعليم المشاهدين درسا آخر فى التاريخ، ومحاضرتهم على الالتزام السّياسيّ. زوييك لا يريد عمل فيلم جيّد فقط أو للتّركيز بإحكام على جانب واحد للمشكلة المعقّدة - يريد استكشاف كل شيء. يظهر كيف المقاتلون يكرهون الأطفال على المحاربة، كيف تمول حجارة الماس العنف، كيف يتجاهل الغرب المشاكل فى إفريقيا، ويعمل على تكوين معسكرات اللاجئين الضّخمة، من دون ان يفقد زوييك قدرته على صهرها فى بوتقة واحدة، لتكون النتيجة مزيجا نادرا من الموقف السياسى والمعالجة الانسانية والبصمة الجمالية.
انها خيارات زوييك البصرية والجمالية التى تمنح العمل خاصيته. والتصوير فى الفيلم متميز بالبلاغة، وبسرد درامى واقعى إلى حدّ الوجع والألم والرعب بسبب قسوة المشاهد المستلّة من الواقع الإنسانى البائس.
حاول الفيلم نقل وجهة نظر إفريقيّة نوعا ما، بالرغم من أنه قدم من قبل مخرج أفلام أبيض. الأفلام من إفريقيا، المعمولة من قبل مخرجى الأفلام الأفارقة من النادر ان تقدمها شاشات السينما العالمية. كلّ الأفلام الحديثة بإفريقيا الّتى رأيناها مؤخرا مع "ماس دم"، "تطلق نيرانًا، البستانيّ الدائم، بيكو، الملك الأخير لإسكتلندا، دموع الشمس غربيّة جدًّا".
كلها يدور بنائها القصصيّ بإفريقيا ولكنها نُفّذت من قبل مخرجين بيض بينما المخرجين الافارقة كسيمبين عثمان أو جبريل ديوب أو سليمان سيسى لديهم جودة قصّ مختلفة جدًّا وسيكون جيدا أن ترى أفلام من منظور إفريقيّ بحقّ على شاشات العالم.
"ماس دم" يسرد حكاية مشبعة بالقهر والموت، تعرضت لها الشعوب الافريقية وهو مشغول بحرفية بصرية لافتة بقوة تعبيرها. إنه عمل جدير بالمشاهدة والنقاش النقدي. | |
|
saralabelle عضو جديد
عدد الرسائل : 5 تاريخ التسجيل : 04/03/2007
| موضوع: رد: فلم يستحق المشاهدة الخميس 08 مارس 2007, 10:48 | |
| شكرا لك أخي على الموضوع و فعلا الفيلم يستحق المشاهدة و هو من الأفلام التي مثل فيها ليوناردو ديكابريو و أبدع كثيرا | |
|